هي كشف الضر بمعصية الشرك. وهذا غاية الجهل. وقوله " ليكفروا بما آتيناهم " اي ليكفروا بآيات أنعمنا عليهم، ورزقنا إياهم، فمعنى اللام في " ليكفروا " هو البيان عما هو بمنزلة العلة التي يقع لأجلها الفعل، لأنهم بمنزلة من أشركوا في العبادة ليكفروا بما أوتوا من النعمة، كأنه لا غرض لهم في شركهم إلا هذا، مع أن شركهم في العبادة يوجب كفر النعمة بتضييع حقها، فالواجب في هذا ترك الكفر إلى الشكر لله تعالى.
وقوله " فتمتعوا فسوف تعلمون " تهديد منه تعالى، لان المعنى تمتعوا بما فيه معصية له تعالى، فسوف تعلمون عاقبة امر كم من العقاب الذي ينزل بكم، وحذف لدلالة الكلام عليه، وهو أبلغ.
قوله تعالى:
(ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسئلن عما كنتم تفترون (56) ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون) (57) آيتان بلا خلاف.
يقول الله تعالى إن هؤلاء الكفار " يجعلون لما لا يعلمون نصيبا " معناه إنهم يجعلون لما لا يعلمون انه يضر، ولا ينفع " نصيبا مما رزقناهم " يتقربون " إليه، كما يجب ان يتقربوا إلى الله تعالى، وهو ما حكى الله عنهم في سورة الأنعام " من الحرث والانعام " وغير ذلك " فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا " فجعلوا نصيبا لله ونصيبا للأصنام، وهو قول مجاهد وقتادة وابن زيد. ثم أقسم تعالى فقال " تالله لتسئلن " سؤال التوبيخ، لا سؤال الاستفهام " عما كنتم تعملون " في دار الدنيا لتلزموا به الحجة وتعاقبوا بعد اعترافكم على أنفسكم. وإنما كان سؤال التوبيخ، لأنه لا جواب لصاحبه الا ما يظهر به فضيحته.