من جنس واحد أكثر من جزء واحد، والله تعالى يقدر ان يفعل ما لا نهاية له فبان الفرق بيننا وبينه من هذه الوجوه.
قوله تعالى:
(أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) (19) آية واحدة بلا خلاف.
قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر " ومما يوقدون " بالياء الباقون بالتاء قال أبو علي: من قرأ بالتاء فلما قبله من الخطاب، وهو قوله " قل أفاتخذتم " ويجوز أن يكون خطابا عاما، يراد به الكافة، فكان المعنى " مما توقدون " عليه أيها الموقدون زبد مثل زبد الماء الذي عليه السيل " فاما الزبد فيذهب جفاء " لا ينتفع به كما ينتفع بما يخلص بعد الزبد من الماء والذهب والفضة والصفر. ومن قرأ بالياء، فلان الغيبة قد تقدم في قوله " أم جعلوا لله شركاء " ويجوز ان يراد به جميع الناس ويقوي ذلك قوله " واما ما ينفع الناس " فكما ان الناس يعم المؤمن والكافر كذلك الضمير في " يوقدون " وقال " ومما يوقدون عليه في النار " كقوله " فأوقد لي يا هامان على الطين " (1) فهذا إيقاد على ما ليس في النار، وإن كان يلحقه وهجها ولهبها وأما قوله " بورك من في النار " (2) فالمعنى على من في قرب النار، وليس يراد به متوغلها " ومن حولها " (3) ومن لم يقرب منها قرب الآخرين