وقوله " بثمن بخس دراهم معدودة " أي بثمن ذي بخس، أي ناقص. وقيل بثمن ذي ظلم، لأنه كان حرا، لا يحل بيعه، فالثمن هو بدل الشئ من العين أو الورق. ويقال في غيرهما أيضا مجازا. والبخس النقص من الحق، يقال: بخسه في الوزن أو الكيل إذا نقصه من حقه فيهما. ومعنى " معدودة " اي قليلة، لان الكثير قد يمنع من عدده لكثرته. وقيل: عدوها ولم يزنوها. وقيل: انهم كانوا لا يزنون الدراهم حتى تبلغ أوقية، وأوقيتهم أربعون درهما. وقال عبد الله بن مسعود وابن عباس وقتادة: إنها كانت عشرين درهما. وعن أبي عبد الله (ع) إنها كانت ثمانية عشر درهما. وقال ابن عباس ومجاهد: ان الذين باعوه اخوته، وانهم كانوا حضورا، فقالوا هذا عبد لنا ابق، فباعوه. وقال قتادة الذين باعوه السيارة.
وقوله " وكانوا فيه من الزاهدين " يعني الذين باعوه، زهدوا فيه، فلذلك باعوه بثمن بخس، وتقديره وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين بجهلهم بماله عند الله من المنزلة الرفيعة، وإنما قدموا الظرف، لأنه أقوى في حذف العامل من غيره، ولا يجوز قياسا على ذلك (وكانوا زيدا من الضاربين) قوله تعالى:
(وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (21) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى عن من اشتري يوسف (ع) من بايعه من أهل مصر أنه قال:
لامرأته حين حمله إليها " أكرمي مثواه " يعني موضع مقامه، وإنما أمرها باكرام مثواه دون اكرامه في نفسه، لان من أكرم غيره لأجله كان أعظم منزلة ممن يكرم في نفسه فقط، والاكرام اعطاء المراد على جهة الاعظام، وهو يتعاظم