قوم: معنى قوله " لتنبئنهم بأمرهم " لتجازينهم على فعلهم، تقول العرب للرجل:
تتوعده بمجازاة سوء فعله: لأنبئنك، ولأعرفنك، يعني لأجازينك.
قوله تعالى:
(وجاؤا أباهم عشاء يبكون (16) قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) (17) آيتان بلا خلاف.
في الكلام حذف، لان التقدير إنهم أجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب، وفعلوا ذلك، فلما فعلوه جاؤوا حينئذ " أباهم عشاء يبكون " والمجئ والمصير إلى الشئ واحد، وقد يكون المصير بالانقلاب، كمصير الطين خزفا، وقد يكون بمعنى الانتقال. والعشاء آخر النهار. ونصبه لأنه من ظروف الزمان. ومنه اشتق (الأعشى) لأنه يستضئ ببصر ضعيف. والبكاء جريان الدمع من العين عند حال الحزن، فكانوا يعلمون أن أباهم يحزن لما جاؤوا من خبر يوسف، فبكوا مع بكائه عليه، وفي حال خبره لما تصوروا تلك الحال. وقيل: إنهم أظهروا البكاء ليوهموا أنهم صادقون فيما قالوه.
وقوله " إنا ذهبنا نستبق " قيل في معناه قولان:
أحدهما - قال الزجاج: ذهبنا نتنصل مشتق من السباق في الرمي. وقال الجبائي: نستبق في العدو لنعلم أينا أسرع عدوا " وتركنا يوسف عند متاعنا " يعني تركناه عند الرحل ليحفظه.
وقوله " وما أنت بمؤمن لنا " أي لست بمصدق لنا " ولو كنا صادقين " وجواب (لو) محذوف، وتقديره: ولو كنا صادقين ما صدقتنا، لاتهامك لنا في أمر يوسف، ودل الكلام عليه. ولم يصفوه بأنه لا يصدق الصادق، لان المعنى