قوله تعالى:
(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم) (4) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى انه لم يرسل فيما مضى من الأزمان رسولا إلى قوم إلا بلغة قومه حتى إذا بين لهم، فهموا عنه، ولا يحتاجون إلى من يترجم عنه.
وقوله " فيضل الله من يشاء " يحتمل أمرين:
أحدهما - انه يحكم بضلال من يشاء إذا ضلوا هم عن طريق الحق.
الثاني - يضلهم عن طريق الجنة إذا كانوا مستحقين للعقاب و " يهدي من يشاء " إلى طريق الجنة " وهو العزيز " يعني القادر الذي لا يقدر أحد على منعه " الحكيم " في جميع افعاله، ليس فيها ما له صفة السفه. ويحتمل ان يريد انه محكم لأفعاله التي تدل على علمه.
ورفع قوله " فيضل الله " لان التقدير على الاستئناف، لا العطف على ما مضى، ومثله قوله " لنبين لكم ونقر في الأرحام " (1) ومثله " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم " (2) ثم قال بعد ذلك " ويتوب الله على من يشاء " (3) لأنه إذا لم يجز أن يكون عطفا على ما مضى فينتصب لفساد المعنى فلابد من استئنافه ورفعه.
وقال الحسن: امتن الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم انه لم يبعث رسولا إلا إلى قومه، وبعثه خاصة إلى جميع الخلق. وقال مجاهد: بعث الله نبيه إلى الأسود والأحمر ولم يبعث نبيا قبله إلا إلى قومه وأهل لغته.