وأنعمت عليكم بضروب النعم، دينية ودنياوية، ثم الذي خلقكم يتوفاكم ويقبضكم أي يميتكم " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر " وهو أرداه وأوضعه، يقال منه:
رذل الشئ يرذل رذالة، وأرذلته ان ارذالا يريد به حال الذم. وقيل إنه يصير كذلك في خمس وسبعين سنة - في قول علي (ع) وقوله " لكي لا يعلم بعد علم شيئا " اخبار منه تعالى انه إنما يرده إلى أرذل العمر، ليرجع إلى حال الطفولية بنسيان ما كان علم للكبر، فكأنه لا يعلم شيئا، مما كان علم.
وفي ذلك أعظم دلالة وأبين اعتبار على قادر مصرف للخلق من حال إلى حال.
ثم أخبر " ان الله عليم " بمصالح عباده، قادر على ما يشاء من تدبيرهم وتغيير أحوالهم.
قوله تعالى:
(والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون) (71) آية بلا خلاف.
قرأ أبو بكر عن عاصم " تجحدون " بالتاء على معنى: قل لهم يا محمد أمن أجل ما أنعم الله عليكم، أشرتم وبطرتم وجحدتم. وقرأ الباقون بالياء.
وبخهم الله تعالى على جحودهم نعمه، فيقول الله تعالى لخلقه، بأنه فضل بعضهم على بعض في الرزق، لأنه خلق فيهم غنيا وفقيرا وقادرا وعاجزا، وفضل بني آدم على سائر الحيوان في لذيذ المأكل، والمشرب، وجعل بعضهم مالكا لبعض، وبعضهم رقا مملوكا.
وقوله " فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت ايمانهم " قيل في معناه قولان:
أحدهما - انهم لا يشركون عبيدهم في أموالهم وأزواجهم حتى يكونوا فيه