ثم قال " ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها " نهي منه تعالى عن حنث الايمان بعد عقدها وتأكيدها، يقال أكدته تأكيدا ووكدته توكيدا، والأصل الواو، وإنما أبدلت الهمزة منها كما قالوا: وقيت في أوقيت.
وفي الآية دلالة على أن اليمين على المعصية غير منعقدة، لأنها لو كانت منعقدة لما جاز نقضها، وأجمعوا على أنه يجب نقضها، ولا يجوز الوفاء بها، فعلم بذلك ان اليمين على المعصية غير منعقدة.
والنقض في المعاني يمكن في مالا يجوز ان يصح مع خلافه، بل إن كان حقا فخلافه باطل، وإن كان باطلا فخلافه حق، نحو إرادة الشئ وكراهته، والامر بالشئ والنهي عنه والتوبة من الشئ والعود فيه وما أشبه ذلك.
وقوله " وقد جعلتم الله عليكم كفيلا " اي حسيبا فيما عاهدتموه عليه " إن الله يعلم ما تفعلون " من نقض العهد والوفاء به، وذلك تهديد ووعيد بأن يجازي على ما يكون منكم على الطاعة بالثواب وعلى المعصية بالعقاب.
وقيل: إن الآية نزلت في الذين بايعوا النبي صلى الله على وسلم على الاسلام. وقال بعضهم نزلت في الحلف الذي كان عليه أهل الشرك، فأمروا في الاسلام بالوفاء به ذكره ابن زيد.
قوله تعالى:
(ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربي من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيمة ما كنتم فيه تختلفون (92) ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسئلن عما كنتم تعملون) (93) آيتان بلا خلاف.