إلا إذا سرق مقدارا معينا على خلاف بين الفقهاء، فعندنا هو ما قدره ربع دينار، وعند قوم عشرة دراهم، وعند آخرين ثلاث دراهم.
وقيل في وجه ندائهم بالسرقة مع أنهم لم يسرقوا شيئا قولان:
أحدهما - ان ذلك من قول أصحابه، ولم يأمرهم يوسف بذلك، ولا علم.
وإنما كان أمر بجعل السقاية في رحل أخيه على ما أمره الله تعالى، فلما فقدها الموكلون بها اتهموهم بها. وهو اختيار الجبائي.
والثاني - انهم نادوهم على ظاهر الحال فيما يتغلب على ظنونهم ولم يكن يوسف أمر به، وإن علم أنهم سيفعلونه. وقال قوم قولا ثالثا: ان معناه إنكم سرقتم يوسف من أبيه حين طرحتموه في الجب. وقال آخرون: ان ذلك خرج مخرج الاستفهام، وليس في جعل السقاية في رحل أخيه تعريضا لأخيه بأنه سارق، لأنه إذا كان ذلك يحتمل السرقة، ويحتمل الحيلة فيه حتى يمسكه عنده، فلا ينبغي ان يسبق أحد إلى اعتقاد السرقة فيه، وليس في ذلك ادخال الغم على أخيه لأنا بينا انه كان اعلمه إياه، وواطأه عليه، ليتمكن من امساكه عنده على ما أمره الله تعالى به، والنداء وإن كان للعير فالمراد به أهل العير، كما قال " واسأل القرية " وإنما أراد أهلها.
قوله تعالى:
(قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون (71) قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) (72) آيتان.
حكى الله تعالى عن أهل العير انهم حين سمعوا نداءهم بأنكم سارقون أقبلوا عليهم وقالوا اي شئ فقدتموه، فقال لهم أصحاب يوسف انا فقدنا صواع الملك، ومن جاء به ورده، فله حمل بعير من الطعام. والاقبال مجئ الشئ إلى جهة المقابلة