أحدهما - أن يكون المستثنى القاتل ظلما، فقيل له لا تسرف أيها الانسان فقتل ظلما من ليس لك قتله، إذ من قتل مظلوما كان منصورا بأخذ القصاص له.
والآخر - أن يكون الخطاب للولي، والتقدير لا تسرف في القتل أيها الولي فتتعدى قاتل وليك إلى من لم يقتله، لان المقتول ظلما كما منصورا، وكل واحد من المقتول ظلما ومن ولي المقتول قد تقدم في قوله " ومن قتل مظلوما " الآية.
وقوله " ولا تقتلوا " يحتمل موضعه شيئين من الاعراب:
أحدهما - أن يكون نصبا ب " قضى ربك ان لا تعبدوا إلا إياه.. ولا تقتلوا " ويحتمل أن يكون جزما على النهي، فيكون الله تعالى نهى الخلق عن قتل أولادهم خشية الاملاق.
و (الاملاق) الفقر، وهو قول ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، وإنما نهاهم عن ذلك لأنهم كانوا يئدون البنات بدفنهم احياء فنهاهم الله عن ذلك.
وقوله " نحن نرزقهم وإياكم " إخبار منه تعالى انه الذي يرزق الأولاد والآباء فلا ينبغي قتلهم خوف الفقر، وأخبر ان قتلهم في الجاهلية " كان خطأ كبيرا " وهو الان خطأ وإثم كبير، ثم قال " ولا تقربوا الزنى " ومعناه لا تزنوا، والزنا هو وطؤ المرأة حراما بلا عقد ولا شبهة عقد مختارا، ثم اخبر ان الزنا فاحشة اي معصية كبيرة " وساء سبيلا " اي بئس الطريق ذلك. وفي الناس من قال:
الزنا قبيح بالعقل لما في ذلك من ابطال حق الولد على الوالد، وفساد الأنساب.
وقوله " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله " نهي من الله تعالى عن قتل النفوس المحرم قتلها، واستثنى من ذلك من يجب عليه القتل إما لكفره، أوردته، أو قتله قصاصا، فان قتله كذلك حق، وليس بظلم، وقد فسرنا تمام الآية.
والسلطان الذي جعله الله للولي، قال ابن عباس، والضحاك: هو القود أو الدية أو العفو. وقال قتادة الهاء في قوله " انه كان منصورا " عائدة على الولي. وقال مجاهد عائدة على المقتول. ونصرة الله له بذلك حكمه له بذلك. وقيل نصرة النبي والمؤمنين، ان يعينوه وقيل الولي هم الوراث من الرجال من الأولاد الذكور ومن الأقارب من كان من قبل الأب.