قوله تعالى:
(ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) (36) آية بلا خلاف.
وفي الآية تقدير فسجن يوسف، ودخل معه فتيان يعني شابان والفتى الشاب القوي قال الشاعر:
يا عز هل لك في شيخ فتى ابدا * وقد يكون شباب غير فتيان وقال الزجاج: كانوا يسمون المملوك فتى، شيخا كان أو شابا. والفتيان قال السدي وقتادة: كانا غلامي ملك مصر الأكبر أحدهما صاحب شرابه والآخر صاحب طعامه، فنمي إليه ان صاحب طعامه يريد ان يسمه. وظن أن الآخر ساعده ومالأه على ذلك.
وقوله " قال أحدهما " يعني أحد الفتيين ليوسف: " إني أراني أعصر خمرا " من رؤيا المنام، والخمر عصير العنب إذا كان فيه الشدة والتقدير اعصر العنب للخمر، وقال الضحاك: هي لغة، تسمي العنب خمرا ذكر جماعة انها لغة عمان.
وقال الزجاج: تقديره عنب الخمر.
وقوله " وقال الآخر إني أراني احمل فوق رأسي خبزا " فالحمل رفع الشئ بعماد، يقال: حمل يحمل حملا، واحتمل احتمالا، وتحمل تحملا، وحمله تحميلا.
و (الخبز) معروف " تأكل الطير منه " وقوله " نبئنا بتأويله " اي أخبرنا بتأويل رؤيانا " انا نراك من المحسنين " معناه انا نعلمك أو نظنك ممن يعرف تأويل الرؤيا. ومن ذلك قول علي (ع) (قيمة كل ما يحسنه) اي ما يعرفه.
والاحسان النفع الواصل إلى الغير إذا وقع على وجه يستحق به الحمد وإذا اختصرت فقلت هو النفع الذي يستحق عليه الحمد جاز، لان ما يفعله الانسان لا يسمى احسانا. وقيل إنه * كان يداوي مريضهم ويعزي حزينهم