" وجئنا بك " يا محمد " شهيدا " على هؤلاء يعني كفار قريش وغيرهم، من الذين كفروا بنبوته. ثم قال " ونزلنا عليك الكتاب " يعنى القرآن " تبيانا لكل شئ " اي بيانا لكل أمر مشكل. والتبيان والبيان واحد. ومعنى العموم في قوله " لكل شئ " المراد به من أمور الدين: إما بالنص عليه أو الإحالة على ما يوجب العلم من بيان النبي صلى الله عليه وسلم والحجج القائمين مقامه، أو اجماع الأمة أو الاستدلال، لأن هذه الوجوه أصول الدين وطريق موصلة إلى معرفته.
وفي الآية دلالة على بطلان قول من قال: الكلام لا يدل على شئ، لان كلام الحكيم يدل من وجهين:
أحدهما - أنه دليل على نفس المعنى الذي يحتاج إليه.
والآخر - أنه دليل على صحة المعنى الذي يحتاج إلى البرهان عليه. ولو لم يكن كذلك لخرج عن الحكمة وجرى مجرى اللغو الذي لا فائدة فيه.
وقوله " وهدى ورحمة وبشرى " يعنى القرآن دلالة ورحمة وبشارة للمسلمين بالجنة.
قوله تعالى:
(إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (90) وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون) (91) آيتان يقول الله تعالى مخبرا عن نفسه " ان الله بأمر بالعدل " يعنى الانصاف بين الخلق، وفعل ما يجب على المكلف و " الاحسان " إلى الغير، ومعناه يأمركم بالاحسان، فالأمر بالأول على وجه الايجاب، وبالاحسان على وجه الندب. وفي