وقوله " وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم " اي في ذلكم نعم من ربكم عظيمة إذ أنجاكم منهم. والبلاء قد يكون نعما، وعذابا، يقال: فلان حسن البلاء عندك اي حسن الانعام عليك ويحتمل أن يكون بمعنى العذاب، وفي الصبر على ذلك العذاب امتحان من ربكم عظيم.
قوله تعالى:
(وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم من لئن كفرتم إن عذابي لشديد (7) وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد) (8) آيتان بلا خلاف وهذه الآية عطف على الأولى، والتقدير واذكروا " إذ تأذن ربكم " اي أعلمكم وقد يستعمل (تفعل) بمعنى (أفعل) كقولهم أوعدته وتوعدته، وهو قول الحسن والفراء، قال الحرث بن حلزة:
آذنتنا ببينها أسماء * رب ثاو يمل منه الثواء (1) والمعنى أعلم ربكم. وقوله " لئن شكرتم لأزيدنكم " التقدير أعلمكم أنكم متى شكرتموني على نعمي، واعترفتم بها زدتكم نعمة إلى نعمة " ولئن كفرتم " أي جحدتم نعمتي وكفرتموها " ان عذابي لشديد " لمن كفر نعمتي.
ثم أخبر ان موسى قال لقومه " ان تكفروا " نعم الله وتجحدونها " أنتم " وجميع " من في الأرض " من الخلق فإنه لا يضر الله. وإنما يضركم ذلك، بح أن تستحقوا منه العذاب والعقاب " فان الله لغني حميد " اي غني عن شكركم حميد في أفعاله.
والغني هو الحي الذي ليس بمحتاج، والحميد الكبير لاستحقاق الحمد بعظم