" ان الله وعدكم وعد الحق " من الثواب والعقاب " ووعدتكم " انا بالخلاص من العقاب بارتكاب المعاصي، وقد خالفت وعدي " وما كان لي عليكم من سلطان " اي لم يكن لي عليكم حجة، ولا برهان أكثر من أن دعوتكم إلى الضلال وأغويتكم، فأجبتموني واتبعتموني " فلا تلوموني " في ذلك " ولوموا أنفسكم " بارتكاب المعاصي وخلافكم الله وترككم ما أمركم به " ما انا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي " يقال: استصرخني فأصرخته، اي استغاثني فأغثته، فالاصراخ الإغاثة. والمعنى ما انا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي " إني كفرت بما أشركتموني من قبل " حكاية عن قول الشيطان لأوليائه انه يقول لهم " اني كفرت " بشرككم بالله ومتابعتكم لي قبل هذا اليوم. ثم اخبر تعالى " إن الظالمين " الكافرين " لهم عذاب اليم " مؤلم شديد الألم، ويصح ان يلوم الانسان نفسه على الإساءة، كما يصح حمدها على الاحسان قال الشاعر:
صحبتك إذ عيني عليها غشارة * فلما انجلت قطعت نفسي ألومها (1) قال الجبائي: وفي الآية دلالة على أن الشيطان لا يقدر على الاضرار بالانسان أكثر من إغوائه ودعائه إلى المعاصي، فأما بغير ذلك فلا يقدر عليه، لأنه اخبر بذلك، ويجب أن يكون صادقا، لان الآخرة لا يقع فيها من أحد قبيح لكونهم ملجئين إلى تركه.
قوله تعالى:
(وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام (23) ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (24) تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال