في الكلام حذف، لان تقديره إن اخوة يوسف وصلوا إلى أبيهم بعد ان جاء البشير وألقوا قميصه على وجهه ورد الله بصره عليه، فلما رأوه قالوا له " يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا " أي سل الله تعالى ان يستر علينا ذنوبنا، ولا يعاقبنا عليها، فانا " كنا خاطئين " فيما فعلناه بيوسف.
ومتى قيل: كيف سألوه الاستغفار من مع أنهم كانوا تابوا والتوبة تسقط العقاب؟
قلنا أما على مذهبنا فلان التوبة لا تسقط العقاب وجوبا، وإنما يسقطه الله تعالى عندها تفضلا وأما علي مذهب مخالفنا، فإنهم سألوه ذلك، لأجل المظلمة المتعلقة بصفح المظلوم، وسؤال صاحبه ان لا يأخذ بظلمه، لابد انه توبة خاصة منه ووجه آخر، وهوان يبلغه منزلة بدعائه يصير بمنزلة عالية لمكان سؤاله.
قوله تعالى:
(قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) (98) آية بلا خلاف.
هذا حكاية ما أجاب به يعقوب حين قالوا له " استغفر لنا ذنوبنا " فإنه قال في جواب ذلك سوف استغفر لكم ربي، والمعنى إني أفعل ذلك في المستقبل، ولم يستغفر لهم في الحال.
وروي عن أبي جعفر (ع) أنه قال: أخرهم إلى ليلة الجمعة.
وقال ابن مسعود وإبراهيم التيمي، وابن جريج وعمرو بن قيس: انه اخرهم إلى السحر، لأنه أقرب إلى إجابة الدعاء وقال الجبائي: وجه ذلك أنهم سألوه ان يستغفر لهم دائما في دعائه، فوعدهم بذلك في المستقبل.
وقوله " انه هو الغفور الرحيم " اخبار من يعقوب واعتراف منه بأن الله هو الذي يستر على عباده معاصيهم، ويعفو لهم عن عقابها رحمة منه بعباده ورأفة منه بخلقه.