كنتم فيها جاهلين جهالة الصبي لا جهالة المعاصي، وذلك يقتضي انهم الآن على خلافه، ولولا ذلك لقال وأنتم جاهلون. وإنما وبخو بحال قد أقلعوا عنها وتابوا منها على وجه التذكير وليتنبهوا على حال من يخاطبهم ويعرفوه بها، لا ان تلك الحال ذكرت بطريق التقبيح لها. وقال السدي وابن إسحاق إن يوسف لما قالوا له ما قالوا أدركته الرقة، فدمعت عينه وباح لهم بما كان يكتمه من شأنه وشأنهم.
قوله تعالى:
(قالوا أئنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قدمن الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) (90) آية بلا خلاف.
قرأ ابن كثير وأبو جعفر " انك " بهمزة واحدة على الخبر. الباقون بهمزتين، وحققهما ابن عامر، وأهل الكوفة، وروح، إلا أن الحلواني عن هشام فصل بينهما بألف. الباقون يخففون الأولى ويلينون الثانية. وفصل بينهما بألف نافع إلا ورشا وأبو عمرو. قال أبو علي: الأجود الاستفهام لقوله " قال انا يوسف " وهذا جواب الاستفهام، ومن قرأ على الخبر أراد الاستفهام، وحذف حرف الاستفهام كما حكى أبو الحسن في قوله " وتلك نعمة تمنها علي " (1) ومعناه اي تلك نعمة، وحذف حرف الاستفهام.
هذا حكاية ما قال اخوة يوسف له حين قال لهم " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه " فإنهم قالوا حينئذ له " أئنك لانت يوسف " على وجه الاستفهام له، فإنهم تنبهوا واستيقظوا غير أنهم لم يقطعوا به، فاستفهموه.