ما ملكهم في الدنيا بسوء افعالهم، كما يسلب بعضهم بكفرهم، والا فهو له، فان اخذ بالموت عنه على طريق العارية ثم يرد إليه ويعوض مما فاته بكرمه تعالى، وقيل: إن يوسف إنما قال ما بال النسوة جميع النساء ولم يخص امرأة العزيز حسن عشرة منه، وقال قوم ذلك يدل على أن كل واحدة منهن دعته إلى نفسها مثل امرأة العزيز.
قوله تعالى:
(قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) (51) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى انه حين رجع الرسول إلى الملك برسالة يوسف جمع النساء وقال لهن ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه، والخطب الامر الذي يخاطب به صاحبه، مما يستعظم شأنه، يقال هذا خطب جليل، وما خطبك، وما شأنك؟.
وقوله " قلن حاش لله " حكاية عما اجابته به النسوة، فإنهن قلن للملك على وجه التنزيه " حاش لله " اي عياذ بالله، وتنزيها من هذا الامر، كقوله " معاذ الله ". وقد يستثني به، فيقال أتاني القوم حاشى زيد، بمعنى إلا زيدا " ما علمنا عليه من سوء " اي لم نعلم عليه امرا قبيحا. قالت امرة العزيز عند ذلك معترفة بخطئها " الآن حصحص الحق " أي بان الحق يقال حصحص الامر وحصحص الحق اي حصل على أمكن وجوهه، وهو قول ابن عباس، ومجاهد وقتادة، واصله حص من قولهم حص شعره إذا استأصل قطعة منه، والحصة اي القطعة