يوسف في نفسه " يعني أخفى هذه الكلمة في نفسه، " لم يبدها لهم " أي لم يظهرها لهم.
واختلفوا فيما أسر في نفسه، فقال ابن عباس والحسن وقتادة: أسر قوله " أنتم شر مكانا " أي ممن قلتم له هذا " والله أعلم بما تصفون " انه كذب. وقال قوم: أسرها باضمار الكلمة للدلالة عليها قال حاتم طي:
اماوي ما يغني الثراء عن الفتى * إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر (1) وإنما قال إن مكانكم شرا لما ظهر من الامر الذي يقتضي هذا الوصف. والصفة والوصف مصدران بمعنى واحد مثل وعد وعدة، ووجه وجهة. وقال الحسن لم يكن اخوة يوسف يومئذ أنبياء، وإنما أعطوا النبوة فيما بعد، وعندنا إنهم لم يكونوا أنبياء في وقت، لا في الحال، ولا فيما بعد، لان ما فعلوه بيوسف من الافعال القبيحة ينافي النبوة لان النبي لا يقع - عندنا - منه قبيح أصلا، لا صغير ولا كبير.
وقال البلخي: كذبوا في قولهم " سرق أخ له من قبل " والله أعلم بما يعنون في ذلك وانه كذب، وقال لم يصح عندنا ان اخوة يوسف كانوا أنبياء وجوز أن يكون الأسباط غيرهم أو كانوا من أولادهم.
قوله تعالى:
(قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين) (78) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى في هذه الآية عن أخوة يوسف انه لما أخذ يوسف أخاه منهم مظهرا لاسترقاقه قالوا له، وهم لا يعرفونه " يا أيها العزيز " والعزيز الممتنع