(لما) و (كل) في الآية معرفة، والمعنى وإن كل المكلفين ليوفينهم ربك أعمالهم أو كل المختلفين على ما تقدم ذكره كما يقولون: مررت بكل قائما، والتوفية بلوغ المقدار من غير نقصان، والتوفية مساواة المقدار في معناه، لأنه إذا ساواه في جنسه لم يجب به توفية.
المعنى أخبر الله تعالى في هذه الآية انه يوفي جميع المكلفين ما يستحقونه على اعمالهم من الثواب والعقاب، لأنه عالم بما فعلوه خبير به، لا يخفى عليه شئ من ذلك ومن ليس بعالم لا يمكنه ذلك، لأنه يجوز أن يكون قد خفي عليه كثير منه، وهو تعالى لا يخفى عليه خافية.
قوله تعالى:
(فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير) (113) آية بلا خلاف.
أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم وأمته أن يستقيموا كما أمرهم الله، وكذلك من رجع إلى الله والى نبيه " ولا تطغوا " يعني في الاستقامة، فيخرجوا عن حدها بالزيادة على ما أمرهم فرضا كان أو نفلا. وقيل: معناه لا تطغينكم النعمة، فتخرجوا من الاستقامة.
و (الاستقامة) الاستمرار في جهة واحدة، وان لا يعدل يمينا وشمالا.
و (الطغيان) تجاوز المقدار في الفساد. والطاغي كالباغي في صفة الذم، وطغى الماء مشبه بحال الطاغي، وإنما خص من تاب دون ان أسلم من أول حاله للتغليب في الأكثر ويدخل فيه الأقل على وجه التبع.
وقوله " انه بما تعملون بصير " اخبار منه تعالى أنه عالم بأعمالهم لا يخفى عليه شئ منها