ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا (46) نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا " (47) أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا) (48) ثلاث آيات.
معنى قوله " وجعلنا على قلوبهم أكنة " أي حكمنا بأنهم بهذه المنزلة ذما لهم على الامتناع من تفهم الحق، والاستماع إليه، لتأمل معانيه، مع الاعراض عنه عداوة له ونفورا منه. وقال الجبائي: إنه تعالى منعهم من ذلك وحال بينهم وبينه في وقت مخصوص، لئلا يؤذوا النبي صلى الله عليه وسلم وإنما قال " وجعلنا " ولم يقل وجعلناهم " على قلوبهم أكنة " لأنه أبلغ في الذم مع قيام الدليل من جهة التكليف أنه ليس على جهة المنع، وإنما لم يجز المنع والحيلولة بينهم وبين ان يفقهوه، لان ذلك تكليف ما لا يطاق، وذلك قبيح لا يجوز ان يفعله الله تعالى، على أنه لا يصح ان يريد تعالى ما يستحيل حدوثه، وإنما يصح ان يراد ما يصح ان يحدث أو يتوهم ذلك منه، لان استحالته صارفة عن أن يراد، ولاداع يصح أن يدعو إلى ارادته، وتجري استحالة ذلك مجرى استحالة ان يريد كون الشئ موجودا معدوما في حال واحده.
(والأكنة) جمع كنان، وهو ما ستر. وقوله " وفي آذانهم وقرا " أي وجعلنا في آذانهم وقرا. (والوقر) - بفتح الواو - الثقل في الاذن، وبالكسر الحمل. والأصل فيه الثقل إلا أنه خولف بين البنائين للفرق.
وقوله " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده " يعني إذا ذكرته بالتوحيد وانه لا شريك له في الإلهية " ولوا " عنك ولم يسمعوه " على ادبارهم نفورا " نافرين عنك. وقال بعضهم: إذا سمعوا بسم الله الرحمن الرحيم ولوا.
ثم اخبر تعالى عن نفسه انه " اعلم " من غيره " بما يستمعون إليك " في حال ما " يستمعون إليك " اي يصغون إلى سماع قراءتك ويعلم أي شئ غرضهم فيه