بعد موتكم لأحياكم وحشركم ولم تفوتوا الله، إلا أنه خرج مخرج الامر، لأنه أبلغ في الالزام، كأن أكثر ما يكون منهم مطلوب حتى يروا أنه هين حقير " أو خلقا مما يكبر في صدوركم " فقيل في معناه ثلاثة أقوال:
قال مجاهد: السماوات والأرض والجبال. وقال قتادة: أي شئ استعظموه من الخلق. وقال ابن عباس. وسعيد بن جبير والفراء: انه الموت. قال الفراء قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كنا الموت من كان يميتنا؟! فأنزل الله " أو خلقا مما يكبر في صدوركم " يعني الموت نفسه اي ليبعث الله عليكم من يميتكم ثم يحييكم.
" فسيقولون من يعيدنا " اخبار منه حكاية عن هؤلاء الكفار انهم يقولون من يعيدنا احياء؟ فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم " قل الذي فطركم أول مرة " اي الذي خلقكم ابتداء يقدر على إعادتكم، لان ابتداء الشئ أصعب من إعادته، كما قال " وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " (1) وقال لما قالوا " من يحيي العظام وهي رميم. قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " (2) وإنما قال لهم ذلك، لأنهم كانوا يقرون بالنشأة الأولى.
وقوله " فسينغضون إليك رؤوسهم " معناه انهم إذا سمعوا لهذا حركوا رؤوسهم مستبعدين لذلك. وقال ابن عباس يحركون رؤوسهم مستهزئين، يقال:
أنغضت رأسي أنغضه إنغاضا، ونغض برأسه ينغض نغضا إذا حركه والنغض تحريك الرأس بارتفاع وانخفاض. ومنه قيل للظليم نغض، لأنه يحرك رأسه في مشيه بارتفاع وانخفاض قال العجاج:
اصك نغضا لا يني مستهدجا (3) ونغضت سنه إذا تحركت من أصلها قال الراجز:
ونغضت من هرم أسنانها (4)