الشر، وقد جرى مجرى الأصوات، فزال عنه الاعراب مثل (صه) ومعناه اسكت، ومه ومعناه كف وهيهات هيهات اي بعيد بعيد، فإذا نونت أردت النكرة أي سكونا وقبحا، وإذا لم تنون أردت المعرفة. وإنما جاز تحريك الفاء بالضم والفتح والكسر، لان حركتها ليست حركة إعراب، وإنما هي حركة التقاء الساكنين فتفتح لخفة الفتحة، وتضم اتباعا للضم قبله، وقيل تضم تشبيها بقبل وبعد وتكسر على أصل حركة التقاء الساكنين.
وفي (أف) سبع لغات: أف واف واف وافاوا في مما له، وزاد ابن الأنباري بسكون الفاء. وروي عن الرضا عن أبية عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال (لو علم الله لفظ أوجز في ترك عقوق الوالدين من (أف) لاتى به). فان قيل هل أباح الله أن يقال لهما أف قبل أن يبلغا الكبر؟ قلنا: لا، لان الله أوجب على الولد إطاعة الوالدين على كل حال. وحظر عليه أذاهما وإنما خص الكبر، لان وقت كبر الوالدين مما يضطر فيه الوالدان إلى الخدمة إذا كانا محتاجين عند الكبر، وفي المثل يقال فلان أبر من النسر، لان النسر إذا كبر ولم ينهض للطيران جاء الفرخ فزقه، كما كان أبواه يزقانه، ومثله قوله " ويكلم الناس في المهد وكهلا " (1) والوجه في قوله " وكهلا " مع أن الناس يكلمون كلهم حال الكهولة ان الله اخبر أن عيسى يكلم في المهد أعجوبة وأخبر أنه يعيش حتى يكتهل ويتكلم بعد الكهولة، ونحوه قوله " والامر يومئذ لله " (2) وإنما خص ذلك اليوم بأن الامر لله، لان في الدنيا مع أنه يملك، قد ملك أقواما جعلهم ملوكا وخلفاء، وذلك اليوم لا يملك سواه.
معنى قوله " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " أمر، في قول ابن عباس والحسن وقتادة وابن زيد. فإن قيل: الامر لا يكون أمرا بألا يكون الشئ، لأنه يقتضي إرادة المأمور به، والإرادة لا تتعلق بألا يكون الشئ، وإنما تتعلق بحدوث الشئ.
قلنا: المعنى انه كره ربكم عبادة غيره وأراد منكم عبادته على وجه الاخلاص