وإنما قال " ففسقوا فيها " ولم يقل: فكفروا، لان المراد فتمردوا في كفرهم لان الفسوق في الكفر الخروج إلى افحشه، فكأنه قال ففسقوا بالخروج عن الامر إلى الكفر.
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير: المعنى أمرناهم بالطاعة، ففسقوا، ومثله أمرتك فعصيتني.
ومن قرأ " أمرنا مترفيها " بتشديد الميم من التأمير بمعنى التسليط، وقد يكون بمعنى أكثرنا. ويجوز أن يكون المعنى أكثرنا عددهم أو ما لهم، وقرئ (آمرنا) ممدودا، والمعنى أكثرنا مترفيها، وإنما قيل في الكثرة آمر القوم، لأنهم يحتاجون إلى أمير يأمرهم وينهاهم، فقد آمروا لذلك، قال لبيد:
ان يغبطوا يهبطوا وان آمروا * يوما يصيروا للهلاك والفند (1) وروى والكند وقال بعضهم أمرنا بمعنى أكثرنا، وقال أبو عمرو: ولا يكون من هذا المعنى (أمرنا) قال أبو عبيد: يدل على هذه اللغة قولهم: سكة مأبورة ومهرة مأمورة، أي كثيرة الولد. ومن قال بالأول قال هذا لمكان الازدواج، كما قالوا الغدايا والعشايا، والغداء لا يجمع على غدايا، ولكن قيل ذلك ليزدوج الكلام مع قولهم: العشايا، وقال قوم: يقال أمر الشئ وأمرته اي كثر وكثرته لغتان، مثل رجع ورجعته. والمشهور الأول. وإنما تعدى اما بالتضعيف أو الهمزة، وإذا كان مخففا فهو من الامر الذي هو خلاف النهي، على ما بيناه. وقال المبرد: " أمرنا " خفيفة بمعنى أكثرنا، وروى الجرمي:
فعلت وأفعلت (2) - عن أبي زيد بمعنى واحد، قال وقرأته على الأصمعي.
و " دمرنا " معناه أهلكنا، والدمار الهلاك.