وسمى ذلك أمرا ب " أن لا تعبدوا إلا إياه " لان معناهما واحد. وقوله " وبالوالدين احسانا " العامل في الباء يحتمل شيئين: أحدهما - وقضى بالوالدين إحسانا. والثاني - وأوصى، وحذف لدلالة الكلام عليه، والمعنى متقارب، والعرب تقول: أمر به خيرا وأوصى به خيرا، وقال الشاعر:
عجبت من دهماء إذ تشكونا * ومن أبي دهماء إذ يوصينا خيرا بها كأننا جافونا (1) فأعمل " يوصينا " في الخير، كما أعمل في الاحسان. وقوله " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما " معناه متى بلغ واحد منهما أوهما الكبر " فلا تقل لهما أف " أي لا تؤذهما بقليل ولا كثير " ولا تنهرهما " أي لا تزجرهما بإغلاظ وصياح يقال: نهره ينهره نهرا، وانتهره انتهارا إذا أغلظ له " وقل لهما قولا كريما " أي شريفا تكرمهما به. وتوقرهما " واخفض لهما جناح الذل " أي تواضع لهما واخضع لهما.
وقرأ سعيد بن جبير " الذل " بكسر الذال والذل والذلة مصدر الذليل، والذل مصدر الذلول، مثل الدابة والأرض تقول: جمل ذلول، ودابة ذلول " وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " أي ادع لهما بالمغفرة والرحمة كما ربياك في حال صغرك. وقال قوم الاستغفار لهما منسوخ إذا كانا مشركين بقوله " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " (2). وقال البلخي: الآية تختص بالمسلمين.
قوله تعالى:
(ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان