يتساوى الظلمات والنور. ثم قال هل جعلوا يعني هؤلاء الكفار لله شركاء في العبادة خلقوا أفعالا مثل خلق الله، من خلق الأجسام والألوان والطعوم والأراجيح، والموت والحياة، والشهوة والنفار، وغير ذلك من الافعال التي مختص تعالى بالقدرة عليها فاشتبه ذلك عليهم، فظنوا أنها تستحق العبادة، لان افعالها مثل افعال الله، فإذا لم يكن ذلك شبيها بل كان معلوما لهم ان جميع ذلك ليست من جهة الأصنام، فقل لهم الله خالق كل شئ اي هو خالق جميع ذلك يعني ما تقدم من الافعال التي يستحق بها العبادة.
وقوله " وهو الواحد القهار " اي الخالق لذلك واحد لا ثاني له وهو الذي يقهر كل قادر سواه لا يقدر على امتناعه منه.
ومن تعلق من المجبرة بقوله " قل الله خالق كل شئ " على أن أفعال العباد مخلوقة لله، فقد أبعد، لان المراد ما قدمناه من أنه تعالى خالق كل شئ يستحق بخلقه العبادة دون ما لا يستحق به ذلك. ولو كان المراد ما قالوه لكان فيه حجة للخلق على الله تعالى وبطل التوبيخ الذي تضمنته الآية إلى من وجه عبادته إلى الأصنام، لأنه إذا كان الخالق لعبادتهم الأصنام هو الله على قول المجبرة فلا توبيخ يتوجه على الكفار، ولا لوم يلحقهم بل لهم ان يقولوا: إنك خلقت فينا ذلك فما ذنبنا فيه ولم توبخنا على فعل فعلته؟ فتبطل حينئذ فائدة الآية. على أنه تعالى إنما نفى أن يكون أحد يخلق مثل خلقه، ونحن لا نقول إن أحدا يخلق مثل خلق الله، لان خلق الله اختراع مبتدع، وافعال غيره مفعولة في محل القدرة عليه مباشرا أو متولدا في غيره بسبب حال في محل القدرة ولا يقدر أحدنا على اختراع الافعال في غيره على وجه من الوجوه، ولان أحدنا يفعل ما يجربه نفعا أو يدفع به ضررا، والله تعالى لا يفعل لذلك فبان الفرق بين خلقنا وخلقه. ولان أحدنا يفعل بقدرة محدثة. يفعلها الله فيه والله تعالى يفعل، لأنه قادر لنفسه. وأيضا فان ههنا أجناسا لا نقدر عليها، وهو تعالى قادر على جميع الأجناس، ونحن لا نقدر ان نفعل بقدرة واحدة في وقت واحد في محل واحد