اكل الكلب للصيد دائما. فاما إذا كان نادرا، فلا بأس ما أكل منه. وقال أبو يوسف، ومحمد: حد التعليم أن يفعل ذلك ثلاث مرات. وقال قوم: لاحد لتعليم الكلاب، فإذا فعل ما قلناه، فهو معلم. وقد دل على ذلك رواية أصحابنا، لأنهم رووا أنه إذا أخذ كلب مجوسي فعلمه في الحال، فاصطاد به، جاز أكل ما يقتله. وقد بينا أن صيد غير الكلب، لا يحل أكله الا ما أدرك ذكاته. فلا يحتاج أن تراعي كيف تعلمه، ولا اكله منه. ومن أجاز ذلك أجاز أكل ما اكل منه البازي والصقر. ذهب إليه عطا وابن عباس والشعبي وإبراهيم، وقالوا: تعلم البازي هو أن يرجع إلى صاحبه. وقال قوم: جوارح الطير والسباع سواء في ذلك ما أكل منه، وما لا يؤكل. روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله والشعبي وعكرمة، وابن جريج. وقال قوم: تعليم كل جارحة من البهائم والطير واحد وهو أن يشلى على الصيد، فيستشلى، ويأخذ الصيد، ويدعوه صاحبه، فيجيب، فإذا كان كذلك كان معلما اكل منه أو لم يأكل. روي ذلك عن سلمان رواه قتادة عن أبي وقاص. وقال لو لم يبق إلا جذية، جاز أكلها وبه قال أبو هريرة، وابن عمر. وقد بينا مذهبنا في ذلك وهو الذي رواه عدي بن حاتم عن النبي (صلى الله عليه وآله).
وقوله: " فكلوا مما أمسكن عليكم " يقوي قول من قال: ما أكل منه الكب لا يجوز أكله، لأنه أمسك على نفسه. ومن شرط استباحة ما يقتله الكلب أن يكون صاحبه سمى عند إرساله، فإن لم يسم لم يجزله اكله إلا إذا أدرك ذكاته وحده أن يجده يتحرك: عينه أو أذنه أو ذنبه، فيذكيه حينئذ بفري الحلقوم والأوداج، واختلفوا في (من) [من] قوله: " مما أمسكن عليكم " فقال قوم:
هي زائدة، لان جميع ما يمسكه، فهو مباح. وتقديره فكلوا ما أمسكن عليكم. وجرى ذلك مجرى قوله: " يكفر عنكم من سيئاتكم " وقوله: " وينزل من السماء من جبال فيها من برد " وتقديره وينزل من السماء جبالا فيها برد. وقال بعضهم: وينزل من