وإنما ذكروا بالكفر لكتمانهم نعمة الله عليهم. والآمر بالبخل يتناوله الوعيد، كما أن من فعل البخل يتناوله الوعيد. وقيل: معنى " يكتمون ما آتاهم الله من فضله " يجحدون اليسار والثروة اعتذارا في البخل، وقوله: " وأعتدنا " قد فسرناه فيما مضى وهو أن معناه أعددناه، وجعلناه ثابتا لهم " وللكافرين " يعني الجاحدين ما أنعم الله عليهم " عذابا مهينا " أي يهينهم ويذلهم.
قوله تعالى:
(والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) (38) - آية بلا خلاف -.
الاعراب:
قوله: " والذين " عطف على " الذين " في الآية الأولى. واعرابه يحتمل ما قلناه في الآية الأولى سواء. وقال الزجاج وغيره: المعني بهذه الآية المنافقون.
وقال مجاهد: المعني بها اليهود، والأول أقوى وأظهر، لان الرياء ضرب من النفاق وواو العطف يقوي ذلك، لأنه لو أراد الموصوفين في الآية الأولى لقال:
" الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس "، مع أنه قد ورد عطف الصفات بالواو لموصوف واحد على ما بيناه فيما مضى، غير أن الأجود ما قلناه.
المعنى واللغة:
فذم الله تعالى بهذه الآية من ينفق ماله رئاء الناس دون أن ينفقه لوجهه وطلب رضاه، ولا يؤمن بالله أي لا يصدق به، " ولا باليوم الآخر " الذي فيه الثواب والعقاب. ثم قال: " ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا " معناه من قبل من الشيطان، وأطاعه فيما يدعوه إليه فبئس القرين قرينه. والقرين أصله