من أرضعته بلبن غير هذا الفحل، فإنهم لا يحرمون عليهم، وكذلك إن كان للرجل امرأتان، فأرضعتا صبيين لأجنبيين، حرم التناكح بين الصبيين، وخالف في هذه ابن علية.
ولا يحرم من الرضاع عندنا إلا ما وصل إلى الجوف من الثدي من المجرى المعتاد الذي هو الفم، فاما ما يوجر به، أو يسعط، أو ينشق، أو يحقن به، أو يحلب في عينه، فلا يحرم بحال. ولبن الميتة لا حرمة له في التحريم، وفي جميع ذلك خلاف. ولا يحرم من الرضاع إلا ما كان في مدة الحولين، فاما ما كان بعده فلا يحرم بحال.
فاما الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها فحرم بالسنة، ويجوز عندنا نكاح العمة والخالة على المرأة، ونكاح المرأة على العمة والخالة لا يجوز إلا برضاء العمة والخالة، وخالف فيه جميع الفقهاء. والمحرمات بالنسب ومن يحرم بالسبب على وجه التأييد يسمون مبهمات، لأنه يحرم من جميع الجهات، مأخوذ من البهيم الذي لا يخالط معظم لونه لون آخر، يقال: فرس بهيم لاشية فيه، وبقرة بهيم، والجمع بهم.
وقوله: (إن الله كان غفورا رحيما) اخبار أنه كان غفورا حيث لم يؤاخذهم بما فعلوه من نكاح المحرمات، وأنه عفى لهم عما سلف، ولا يدل على أنه ليس بغفور فيما بعد، لان ذلك معلوم بدلالة أخرى، وفي الناس من قال: كان زائدة، وقد بينا أن هذا ضعيف، لأنها تكون عبثا ولغوا، وذلك لا يجوز.
قوله تعالى:
(والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم