والأول أقوى، لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: إذا سلم عليك أهل الكتاب، فقولوا وعليكم. وقال الحسن، وجماعة من متقدمي المفسرين: إن السلام تطوع.
والرد فرض، لقوله: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) وذلك أمر يقتضي الايجاب.
وقوله: (إن الله كان على كل شئ حسيبا) قيل في معنى الحسيب قولان:
أحدهما - قال مجاهد:، وابن أبي نجيح: معنى حسيب حفيظ وقال قوم:
معناه ههنا من قولهم: احسبني الشئ يحسبني احسابا بمعنى كفاني. ومنه قولهم:
حسبي كذا وكذا أي كفاني. وقال بعضهم: الحسيب في هذا الموضع فعيل من الحساب الذي هو بمعنى الاحصاء يقال منه: حاسبت فلانا على كذا وكذا وهو حسيبه وذلك إذا كان صاحب حسابه. قال الزجاج: معناه يعطي كل شئ من العلم والحفظ والجزاء مقدار ما يحسبه أي يكفيه. ومنه قوله: " عطاء حسابا " (1) أي كافيا. وسمي الحساب حسابا، لأنه يعلم به ما فيه الكفاية وذكر الحسن:
انه دخل على النبي صلى الله عليه وآله رجل، فقال: السلام عليكم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: وعليك السلام ورحمة الله، ثم دخل آخر فقال. السلام عليكم ورحمة الله، فقال النبي (ص):
وعليك السلام ورحمة الله، وبركاته، ثم دخل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، وبركاته، فقال النبي صلى الله عليه وآله: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. قال بعضهم يا رسول الله كيف هذا فقال النبي صلى الله عليه وآله الأولان بقيا من التحية بقية فرددتها.
وهذا لم يبق منها شيئا فرددت عليه ما قال (2).
قوله تعالى:
(الله لا آله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا) (87) - آية بلا خلاف -.