فحقيقة المفسدة إذا ليست بحاصلة، لان حد المفسدة ما وقع عنده الفساد ولولاه لم يقع من غير أن يكون تمكينا.
والطغيان ههنا تجاوز الحد في الظلم والغلو فيه وأصله تجاوز الحد.
ومنه قوله تعالى: " انا لما طغى الماء " (1) وقوله: " إن الانسان ليطغى " (2) أي يتجاوز الحد في الخروج عن الحق.
وقوله: " فلا تأس على القوم الكافرين " معناه لا تحزن تقول أسى يأسى أسا إذا حزن. قال الشاعر:
وانحلبت عيناه من فرط الأسى (3) وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وليس بنهي عن الحزن، لأنه لا يقدر عليه لكنه تسلية ونهي عن التعرض للحزن. قال البلخي ذلك يدل على بطلان ما روي من أن النبي صلى الله عليه وآله دعا للكفار بالهداية، لأنه نهاه عن الحزن وأمره بلعنهم ولا يجتمع قول اللهم العنهم، واهدهم واغفر لهم.
قوله تعالى:
إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (72) أخبر الله تعالى أن الذين صدقوا الله وأقروا بنبوة نبيه صلى الله عليه وآله " والذين هادوا " يعني الذين اعتقدوا اليهودية ونبوة موسى، وتأييد شرعه " والصابئون "