قوله تعالى: (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا) (84) - آية بلا خلاف -.
هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وآله خاصة أمره الله أن يقاتل في سبيل الله وحده بنفسه.
وقوله: " لا تكلف إلا نفسك " ومعناه لا تكلف إلا فعل نفسك، لأنه لا ضرر عليك في فعل غيرك فلا تهتم بتخلف المنافقين عن الجهاد فعليهم ضرر ذلك، وليس المراد لا يأمر أحدا بالجهاد. وإنما أراد ما قلناه ألا ترى أنه قال " وحرض المؤمنين " على القتال يعني حثهم على الجهاد. وفي ذلك دلالة على أنه لا يجوز أن يؤاخذ الله الأطفال بكفر آبائهم ويؤيده قوله: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " لان مفهوم هذا الكلام أنه لا يجوز أن تؤخذ بذنب غيرك. والفاء في قوله: " فقاتل في سبيل الله " قيل في معناه قولان:
أحدهما - أن يكون جوابا لقوله: (ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما) (1) هكذا ذكره الزجاج، لأنه محمول على المعنى من حيث دل على معنى إن أردت الفوز، فقاتل.
الثاني - أن يكون متصلا بقوله: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله) (2) فقال في سبيل الله. كذا ذكره الزجاج ووجهه لاحظ لك في ترك القتال فتتركه، ثم وضع فقاتل موضع فتتركه. وقوله: " وحرض المؤمنين " معناه حثهم " عسى الله أن يكف " قال الحسن، والبلخي، والزجاج: إن (عسى) من الله واجب ووجه ذلك ان أطماع الكريم انجاز وإنما الأطماع تقوية أحد الامرين على الآخر دون قيام الدليل على التكافؤ في الجواز. وخرج (عسى) في هذا من معنى الشك