في صفة امرأة بخمص البطن:
والبطن ذوعكن خميص لين * والنحر ينفجه بثدي مقعد (1) ولم يرد بذلك وصفها بالجوع، لكن أراد وصفها بلطافة طي ما علا الأوراك والأفخاذ من جسدها، لان ذلك المحمود من النساء. فاما الاضطمار من الضر فكقول أعشى ثعلبة:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم * وجاراتكم غبر تبن خماصا (2) يعني يبتن مضطرات البطن من الجوع. وقال بعض نحوي البصريين:
المخمصة المصدر من خمصه الجوع. وغيره يقول: هو اسم للمصدر، وكذلك تقع المفعلة اسما في المصادر للتأنيث، والتذكير: والذي قلناه هو قول ابن عباس وقتادة والسدي وابن زيد.
وقوله: " غير متجانف لاثم " نصب على الحال. والمتجانف المتمايل للإثم المنحرف إليه. ومعناه في هذا الموضع المعتمد له القاصد إليه من جنف القوم: إذا مالوا. وكل أعوج، فهو أجنف.
والمعنى فمن اضطر إلى أكل الميتة، وما عدد الله تحريمه عند المجاعة الشديدة غير متعمد إلى ذلك، ولا مختار له، ولا مستحل له على كل حال، فان الله أباحه له. تناول ذلك مقدار ما يمسك رمقه، لا زيادة عليه. وهو قول أهل العراق. وقال أهل المدينة: يجوز أن يشبع منه عند الضرورة. وما قلناه قول ابن عباس، ومجاهد وقتادة. قال قتادة: " غير متجانف لاثم " أي غير عاص بان يكون باغيا أو محاربا أو خارجا في معصية. وقال ابن زيد: لا تأكل ذلك ابتغاء الاثم ولا جرأة عليه.
وقوله: " فان الله غفور رحيم " في الكلام متروك دل ما ذكر عليه، لان المعنى فمن اضطر في مخمصة إلى ما حرمت عليه مما ذكرت في هذه الآية غير متجانف لاثم، فاكله لدلالة الكلام عليه.
ومعنى " فان الله غفور رحيم " ان الله لمن أكل ما حرمت عليه بهذه الآية