وقال البلخي: معناه لا يؤمنون إلا ايمانا قليلا كما قال الشاعر:
فألفيته غير مستعتب * ولا ذاكر الله إلا قليلا (1) يريد إلا ذكرا قليلا. وسقط التنوين من ذاكر لاجتماع الساكنين. وقال أبو روق: إلا قليلا ايمانهم قولهم: الله خالقنا ورازقنا، وليس لعن الله لهم بمانع لهم من الايمان، وقدرتهم عليه، لأنه إنما لعنهم الله لما كفروا فاستحقوا ذلك، ولو تركوا الكفر وآمنوا، لزال عنهم استحقاق اللعن.
قوله تعالى:
(يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان امر الله مفعولا) (47) - آية -.
المعنى:
هذه الآية خطاب لأهل الكتاب: اليهود، والنصارى أمرهم الله بان يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وما أنزل عليه من القرآن، وغيره من الاحكام مصدقا لما معهم من التوراة والإنجيل اللذين تضمنا صفة النبي صلى الله عليه وآله وصحة ما جاء به. وقوله:
(من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) قيل في معناه أربعة أقوال:
أحدها - قال ابن عباس وعطية العوفي وقتادة: معناه نمحو آثارها حتى تصير كالقفا. ونجعل عيونها في قفاها، فتمشي القهقرى.
الثاني - قال الحسن، ومجاهد، والضحاك، وابن أبي نجيح، والسدي، ورواه أبو الجارود عن أبي جعفر (ع): أن معناه نطمسها عن الهدى، فنردها على أدبارها في ضلالتها ذما لها (2) بأنها لا تصلح أبدا، وهم وإن كانوا في