قوله تعالى:
(إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فان يقاتلوكم والقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) (90) - آية بلا خلاف.
لما أمر الله تعالى المؤمنين بقتال الذين لا يهاجرون عن بلاد الشرك حيث وجدوهم، وألا يتخذوا منهم وليا ولا نصيرا استثنى من جملتهم من وصل منهم إلى قوم بينكم وبينهم موادعة، وعهد وميثاق، فدخلوا فيهم وصاروا منهم. ورضوا بحكمهم فان لمن وصل إليهم ودخل فيهم راضيا بحكمهم حكمهم في حقن دمائهم بدخوله فيهم. والمعني بقوله: " إلا الذين يصلون " بنو مدلج، كان سراقة بن مالك بن جعشم (1) المدلجي جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله بعد أحد، فقال له: أنشدك الله والنعمة.
وأخذ منه ألا يغزوا قومه، فان أسلمت قريش أسلموا، لأنهم كانوا في عقد قريش، فحكم الله فيهم ما حكم في قريش، وحرم منهم ما حرم منهم، ففيهم نزلت هذه الآية - على ما ذكره بن شبة -. وقال أبو جعفر (ع) قوله تعالى: " إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق " قال: هو هلال بن عويمر السلمي. واثق عن قومه ألا تخفيف يا محمد من أتاك ولا نخيف من أتانا. وبمثل هذا التأويل قال السدي، وابن زيد، وعكرمة وقال أبو عبيدة " يصلون " بمعنى ينتسبون إليهم. والعرب تقول قد اتصل الرجل: إذا انتمى إلى قوم وقال الأعشى يذكر امرأة انتسبت إلى قومها:
إذا اتصلت قالت: ابكر بن وائل * وبكر سبتها والأنوف رواغم (2) وقد ضعف هذا الجواب، لان تعيين الانتساب لو أوجب إن يكون حكم