وهذا تفعله العرب في الكلام التام، نحو قولك لتقومن خيرا لك، وانته خيرا لك، فإذا كان الكلام ناقصا، لم يخبر غير الرفع تقول: ان تنته خير لك، وان تصبروا خير لكم. وقال الفراء انتصب ذلك لأنه متصل بالامر وهو من صفته. الا ترى انك، تقول: انته هو خير لك؟ فما أسقطت هو اتصل بما قبله، وهو معرفة فانتصب وقال أبو عبيدة: انتصب ذلك على اضمار كان، كأنه قال: فامنوا يكن الايمان خيرا لكم. قال: وكذلك كل امر ونهي قال الفراء: يلزم على ذلك ما يبطله. ألا ترى انك تقول: اتق الله تكن محسنا، ولا يجوز ان تقول: اتق الله محسنا باضمار كان، ولا يصلح ان تقول: انصرنا أخانا، وأنت تريد تكن أخانا. وقال قوم. انتصب ذلك بفعل مضمر اكتفى في ذلك المضمر بقوله: لا تفعل ذلك وافعل صلاحا لك.
قوله تعالى:
(يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فامنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله اله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا) (171) آية واحدة.
هذا خطاب من الله تعالى لأهل الكتاب الذي هو الإنجيل وهم النصارى نهاهم الله (تعالى) ان يغلوا في دينهم بان يجاوزوا الحق فيه، ويفرطوا في دينهم، ولا يقولوا في عيسى غير الحق، فان قولهم في عيسى انه ابن الله قول بغير الحق، لأنه (تعالى) لم يتخذ ولدا فيكون عيسى أو غيره من خلقه ابنا له، ونهاهم ان يقولوا على الله. الا الحق، وهو الاقرار بتوحيده، وانه لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد.
واصل الغلو في كل شئ تجاوز حده يقال: غلا فلان الدين يغلو غلوا. وغلا