موضع (ما) رفع ويحتمل أن يكون وحدها اسما وخبرها قوله: (ذا) وأحل من صلة ذا. وتقديره اي شئ الذي أحل لهم؟ ويحتمل أن يكون ما وذا اسما واحدا، ورفع بالابتداء وتقديره أي شئ أحل لهم؟ وأحل لهم خبر الابتداء.
فمعنى الآية يسألك يا محمد أصحابك ما الذي أحل لهم اكله من المطاعم، فقل لهم:
أحل لكم الطيبات منها وهي الحلال الذي أذن لكم ربكم في أكله من الذبائح على قول الطبري والجبائي، وغيرهما وقال البلخي: الطيبات هو ما يستلذ به. قال قوم:
وأحل لكم أيضا مع ذلك صيد ما علمتم من الجوارح وهي الكواسب من سباع الطير، والبهائم ولا يجوز أن يستباح عندنا أكل شئ مما اصطاده الجوارح من السباع سوى الكلب إلا ما أدرك ذكاته. وسميت الطير جوارح، لجرحها أربابها وكسبها إياهم أقواتهم من الصيد يقال منه: جرح فلان أهله خيرا إذا كسبهم خيرا.
وفلان جارحة أهله يعني كاسبهم، ولا جارحة لفلانة أي لا كاسب لها قال أعشى بني ثعلبة:
ذات خد منضج ميسمها * تذكر الجارح ما كان اجترح يعني اكتسب. وقوله: " وما علمتم " تقديره وصيد ما علمتم من الجوارح وحذف لدلالة الكلام عليه، لان القوم على ما روي كانوا سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله حين أمرهم بقتل الكلاب عما يحل لهم اتخاذه منها، وصيده. فأنزل الله (تعالى) فيما سألوا عنه هذه الآية، فاستثنى (عليه السلام) مما كان حرم اتخاذه منها، وأمر بقتله كلاب الصيد، وكلاب الماشية، وكلاب الحرث وأذن في اتخاذ ذلك ذكرت ذلك سلمى أم رافع عن أبي رافع. قال جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وآله يستأذن عليه، فاذن له فقال: قد اذنا لك يا رسول الله فقال: اجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب. قال أبو رافع: فأمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أقتل كل كلب بالمدينة، فقتلت حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمة لها. وجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته، فأمرني فرجعت، وقتلت الكلب، فجاؤوا فقالوا:
يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله