ومنه قوله: " خاشعة أبصارهم " (1) " وخشعت الأصوات للرحمن " (2) والخاشع: الخاضع ببصره. والخشوع: التذلل خلاف التصعب.
قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (200) - آية بلا خلاف -.
اختلفوا في تأويل هذه الآية، فقال قوم: معنى اصبروا أثبتوا على دينكم وصابروا الكفار ورابطوهم يعني في سبيل الله ذهب إليه الحسن، وقتادة، وابن جريج، والضحاك وقال آخرون: معناها " اصبروا " على دينكم " وصابروا " الوعد الذي وعدتكم به " ورابطوا " عدوي وعدوكم ذهب إليه محمد بن كعب القرظي. وقال آخرون " اصبروا " على الجهاد " وصابروا عدوكم ورابطوا " الخيل عليه ذهب إليه زيد بن أسلم. وقال آخرون: رابطوا الصلوات أي انتظروها واحدة بعد واحدة، لان المرابطة لم تكن حينئذ وهذا مروي عن علي (ع) ذهب (3) إليه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وجابر بن عبد الله وأبو هريرة والأولى أن تحمل الآية على عمومها في الصبر على كل ما هو من الدين، فعلا كان أو تركا.
وأصل الرباط ارتباط الخيل للعدو، والربط الشد، ومنه قولهم: ربط الله على قلبه بالصبر، ثم استعمل في كل مقيم في ثغر يدفع عمن وراء من أرادهم بسوء وينبغي (4) أن يحمل قوله رابطوا أيضا على المرابطة لما عند الله لأنه العرف في استعمال الخبر، وعلى انتظار الصلاة واحدة بعد أخرى. وقوله: " واتقوا الله " معناه اتقوا ان تخالفوه فيما يأمركم به لكي تفلحوا [وتفوزوا] (ه) بنعيم الأبد وتنجحوا بطاعتكم من الثواب الدائم.