أحدهما - إنهم كانوا فريقين منهم من عصى بانصرافه، ومنهم من لم يعص، لأنهم قلوا بعد انهزام تلك الفرقة، فانصرفوا بإذن الله بأن التجأوا إلى أحد، لان الله إنما أوجب ثبات المائة للمئتين فإذا نقصوا، لا يجب عليهم ذلك. وجاز أن يذكر الفريقين في الجملة بأنه صرفهم، وبأنهم عفا عنهم، ويكون على ما بيناه في التفصيل هذا قول أبي علي. وقال البلخي (ثم صرفكم عنهم) معناه لم يأمركم بمعاودتهم من فورهم (ليبتليكم) بالمظاهرة في الانعام عليكم، والتخفيف عنكم. وقوله (ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين. إذ تصعدون) فإذ تصعدون متعلق بقوله: (ولقد عفا) في قول الزجاج. وقال الجبائي قوله: (ولقد عفا عنكم) خاص لمن لم يعص بانصرافه، والأولى أن يكون عاما في جميعهم، لأنه لا يمتنع أن يكون الله عفا لهم عن هذه المعصية.
وقال البلخي: معناه (ولقد عفا عنكم) بتتبعهم بعد أن كان أمرهم بالتتبع لهم، فلما بلغوا حمراء الأسد أعفاهم من ذلك، ولا يجوز أن يكون، صرفهم فعل الله، لأنه قبيح والله تعالى لا يفعل القبيح.
قوله تعالى:
(إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في اخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولاما أصابكم والله خبير بما تعملون) (153) آية.
القراءة، والحجة، واللغة، والمعنى:
التقدير اذكروا (إذ تصعدون) ويجوز أن يكون متعلقا بقوله: (ولقد عفا عنكم.. إذ تصعدون)، والقراء كلهم على ضم التاء من الاصعاد. وقرأ الحسن بفتح التاء والعين من الصعود، وقيل: الاصعاد في مستوى الأرض، والصعود في