حقوق بني آدم وهو مذهبنا، فعلى هذا إن أسقط الآدمي حق نفسه ويكون ظهرت منه التوبة قبل ذلك لا يقاص عليه الحد، وإن لم يكن ظهرت منه التوبة أقيم الحد، لأنه محارب فيتحتم عليه الحد. وهو قول أبي علي.
ولا خلاف أنه إذا أصيب المال بعينه في يده أنه يرد إلى أهله. فاما المشرك المحارب فمتى أسلم وتاب سقطت عنه الحدود، سواء كان ذلك منه قبل القدرة عليه أو بعدها بلا خلاف.
فاما السارق إذا قدر عليه بعد التوبة وتكون التوبة منه بعد قيام البينة فإنه لا يسقط عنه الحد. وإن كان قبل قيام البينة أسقطت عنه. وقال قوم:
لا تسقط التوبة الحد عن السارق - ولم يفصل. وادعي في ذلك الاجماع.
قالوا لان الله جعل هذا الحكم للمحارب بالاستثناء بقوله: " فاعلموا أن الله غفور رحيم " ولم يكن غير المحارب في معناه فيقاص عليه، لان ظاهر هذا التفرد وليس كذلك هو في المحارب الممتنع بفئة وفي الآية حجة على من قال لا تصح التوبة مع الإقامة على معصية أخرى يعلم صاحبها أنها معصية، لأنه تعالى علق بالتوبة حكما لا يحل به الإقامة على معصية هي السكر أو شرب نبيذ التمر على غير التأويل باجماع المسلمين.
قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون (38) آية بلا خلاف.
خاطب الله في هذه الآية المؤمنين وأمرهم أن يتقوه ومعناه أن يتقوا معاصيه ويجتنبوها ويبتغوا إليه معناه يطلبون إليه الوسيلة وهي القربة في