وإثمك الذي قتلتني، فأضافه تارة إلى المفعول وأخرى إلى الفاعل، لأنه مصدر يصح ذلك فيه، كما تقول ضرب زيد عمرا وضرب عمرو زيد فتضيفه تارة إلى الفاعل وأخرى إلى المفعول.
فان قيل: كيف جاز أن يريد منه الاثم وهو قبيح؟
قلنا: المراد بذلك عقاب الاثم، لان الرجوع بالاثم رجوع بعقابه، لأنه لا يجوز لاحد أن يريد معصية الله من غيره كما لا يجوز. أن يريدها من نفسه، وهو قول أبي علي وغيره. وقال قوم: التقدير إني أريد أن لا تبوء بإثمي كما قال " يبين الله لكم أن تضلوا " ومعناه ألا تضلوا. وهذا وجه يحتمله الكلام لكن الظاهر خلافه، وإنما يحمل على ذلك إذا دل الدليل على أنه لا يجوز أن يريد من غيره الاثم. وليس ههنا ما يدل عليه والكلام يدل على أنه أراد العقاب لا محالة لو أراد الاثم. وقوله " فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين " لا يدل على فساد القول بالارجاء، لان ظاهره يقتضي أنه يستحق بذلك النار والعذاب، وان ذلك جزاءه وليس في ذلك ما يمنع من جواز اسقاطه بغير توبة فينبغي أن لا يمنع منه.
وفي الآية دلالة على أن الوعيد بالنار قد كان في زمن آدم بخلاف ما يدعيه جماعة من اليهود والنصارى.
قوله تعالى:
فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين (33) آية بلا خلاف