ليدل على أن من خلصت معصيته مما يكفرها أو بقته، وأنهم مع كفرهم قد عصوا بغير الكفر من الجرم الذي فسر في الآية التي بعد.
قوله تعالى:
كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (82) آية بلا خلاف.
أخبر الله تعالى أن هؤلاء الكفار الذين ذكرهم لم يكونوا يتناهون عن منكر أي لم يكن ينهى بعضهم بعضا مثل قولك لا يتضاربون ولا يترامون ولا ينتهون ومعناه لا يكفون عما نهوا عنه.
وقوله: " لبئس ما كانوا يفعلون " وفتحت اللام لام القسم وتقديره اقسم لبئس ما كانوا يفعلون كما فتحت لام الابتداء لأنها لما لم تكن عاملة ك (لام الإضافة) اختير لها أخف الحركات. ولا يجوز أن تكون لام الابتداء، لأنها لا تدخل على الفعل الا في باب (أن) ولا تدخل على الماضي.
و (ما) في قوله " لبئس ما " قيل فيها قولان: أحدهما - أن تكون (ما) كافة ل (بئس) كما تكف في (إنما) و (بعدما) و (ربما) والاخر - أن تكون اسما نكرة كأنه قال: بئس شيئا فعلوه، كما تقول بئس رجلا كان عندك.
وفي الآية دلالة على وجوب انكار المنكر، لان كل شئ ذم الله عليه فواجب تركه إلا أن يقيد بوقت يخصه، لان ظاهر ذلك يقتضي قبحه، والتحذير منه. والمنكر هو القبيح، سمي بذلك لأنه ينكره العقل من حيث أن العقل يقبل الحسن ويعترف به، ولا يأباه وينكر القبيح ويأباه والانكار