" وقد قصصناهم عليك " وقوله:
" وكلم الله موسى تكليما " نصب تكليما على المصدر وفائدة وكلم الله موسى بلا واسطة خصوصا من بين سائر الأنبياء كلمهم الله بواسطة الوحي وقيل: إنما قال ذلك، ليعلم، ان كلام الله من جنس هذا المعقول الذي يشقق من التكلم على خلاف ما يقول المبطلون. وقيل إنما اتى بالمصدر تأكيدا. وقيل: إنما أراد بذلك تعظيم كلامه، كأنه قال: كلم الله موسى تكليما شريفا كما قال: " فغشيهم من اليم ما غشيهم " يريد بذلك تعظيم ما غشيهم من الأهوال فاما قول من قال: ان الله كلم موسى باللغات كلها التي لم يفهمها. فلما كان آخر شئ كلمه بكلام فهمه، فان ذلك لا يجوز عليه تعالى، لان خطاب من لا يفهم خطابه عبث يجري مجرى قبح خطاب العربي بالزنجية، والله (يتعالى عن ذلك) قال البلخي: وفي الآية دلالة على أن كلام الله محدث من حيث إنه كلم موسى خاصة دون غيره من الأنبياء، وكلمه في وقت دون وقت، ولو كان الكلام قديما ومن صفات ذاته لم يكن في ذلك اختصاص ومن فصل بين الكليم والتكلم، فقد أبعد لان المكلم لغيره لا يكون الا متكلما، وإن كان يجوز أن يكون متكلما وان لم يكن مكلما فالمتكلم يجمع الامرين.
قوله تعالى:
(رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة، بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) (165) آية بلا خلاف.
نصب (رسلا) على القطع من أسماء الأنبياء الذين ذكر أسماءهم (مبشرين) نصب على الحال. والتقدير أرسلت هؤلاء الأنبياء رسلا إلى خلقي وعبادي مبشرين بثوابي من أطاعني وصدق رسلي (ومنذرين) يعني مخوفين من عقابي من عصاني وخالف أمري، وكذب رسلي " لئلا تكون للناس على الله حجة بعد الرسل " وقال