قد بينا فيما تقدم معنى الله. وهو الذي تحق له العبادة. وانه من كان قادرا على خلق أصول النعم التي يستحق بها العبادة. وليس هو عبارة عمن يستحق العبادة، لأنه لو كان كذلك، لما كان تعالى إلها فيما لم يزل. وإذا ثبت انه موصوف به فيما لم يزل، دل على أن المراد ما قلناه. وإذا ثبت ذلك، فقد بين تعالى بهذه الآية انه لا يستحق العبادة سواه. وقوله: " ليجمعنكم إلى يوم القيامة " اللام في ليجمعنكم لام القسم كقولك: والله ليجمعنكم. وقيل في معناه قولان:
أحدهما - ليبعثنكم من بعد مماتكم، ويحشرنكم جميعا إلى موقف الحساب الذي يجازي فيه كلا بعمله، ويقضي فيه بين أهل طاعته، ومعصيته.
الثاني - قال الزجاج: معناه ليجمعنكم في الموت وفي قبوركم. وقوله:
" لا ريب فيه " معناه لا شك فيما أخبركم به. من قوله: اني جامعكم يوم القيامة.
وقيل في تسمية ذلك اليوم بالقيامة قولان:
أحدهما - لان الناس يقومون من قبورهم.
الثاني - انهم يقومون للحساب. قال الله تعالى " يوم يقوم الناس لرب العالمين " (3) وقوله: " ومن أصدق من الله حديثا " تقرير في صورة الاستفهام ومعناه لا أحد أصدق من الله في الخبر الذي يخبر به من حيث لا يجوز عليه الكذب في شئ من الأشياء، لأنه لا يكذب إلا محتاج يجتلب به نفعا، أو يدفع به ضررا.
وهما يستحيلان عليه تعالى. فإذا يستحيل عليه الكذب. وإنما يجوز ذلك على من سواه. فلذلك كان تعالى أصدق القائلين. ونصب حديثا على التمييز كما تقول: من أحسن من زيد فهما أو خلقا؟
قوله تعالى:
(فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون