وبه قال الطبري والجبائي والبلخي وغيرهم.
وقوله: " وطعامكم حل لهم " فيه بيان إن طعامنا أيضا حل لهم، فان قيل فما معنى ذلك، وهم لا يستحلون طعامنا بتحليلنا لهم ذلك؟ قلنا عنه جوابان:
أحدهما - ان الله بين بذلك أنه حلال لهم ذلك سواء قبلوه، أو لم يقبلوه.
والثاني - أن يكون حلال للمسلمين بذله لهم، ولو كان محرما عليهم، لما جاز لمسلم بذله إياه.
وقوله: " والمحصنات من المؤمنات " معناه وأحل لكم العقد على المحصنات يعني العفائف من المؤمنات. وقيل هن الحرائر منهن، ولا يدل ذلك على تحريم من ليس بعفيفة، لان ذلك دليل خطاب يترك لدليل يقوم على خلافه، ولا خلاف أنه لو عقد على من ليس بعفيفة، ولا أمة كان عقده صحيحا غير مفسوخ، وإن كان الأولى تجنبه. وكذلك لو عقد على أمة بشرط جواز العقد على الأمة على ما مضى القول فيه. واختلف المفسرون في المحصنات التي عنا هن هاهنا فقال بعضهم عنى بذلك الحرائر خاصة: فاجرة كانت أو عفيفة وحرموا إماء أهل الكتاب بكل حال لقوله: " ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات فمما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات ". ذهب إليه مجاهد وطارق بن شهاب، وعامر الشعبي والحسن وقتادة. وقال آخرون: أراد بذلك العفائف من الفريقين: حرائر كن أو إماء، وأجازوا العقد على الأمة الكتابية. روى ذلك أيضا عن مجاهد، وعامر الشعبي وسفين وإبراهيم والحسن بن أبي الحسن وقتادة في رواية، ثم اختلفوا في المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، فقال قوم: هو عام في العفائف منهن: حرة كانت أو أمة، حربية كانت أو ذمية. وهو قول من قال المراد بالمحصنات العفائف. وقال آخرون:
أراد الحرائر منهن: حربيات كن أو ذميات. وعلى قول الشافعي المراد بذلك من كان من نساء بني إسرائيل دون من دخل فيهن من سائر الملل. وقال قوم: أراد بذلك الذميات منهن. ذهب إليه ابن عباس. واختار الطبري أن يكون المراد بذلك الحرائر