من استحق عليه القود، أو حد من الحدود إن جزاء هذا ان يقتل، أو يقام عليه الحد. ولو كان الامر على ما قالوه، لوجب ألا يكون الخلود في النار جزاء للكفار، لأنه لم يقع بعد، ولا يصح ان يقع، لان ما يوجد منه لا يكون إلا متناهيا وإنما لم يقل في الدراهم، انها جزاء لعمله، لان ما يستحقه الأجير في الذمة لا يتعين في دراهم معينة. وللمستأجر أن يعطيه منها، ومن غيرها. فلذلك لم توصف هذه المعينة بأنها جزاء للعمل، ثم لنا أن نعارض بآيات الغفران، كقوله: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " (1) وقوله: " ان الله يغفر الذنوب جميعا " (2) وقوله: " ان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم " (3).
وإذا تعارضا، وقفا وبقينا على جواز العفو عقلا. وقال الجبائي والبلخي: الآية نزلت في أهل الصلاة. لأنه تعالى بين في الآية الأولى حكم قتل الخطأ من الدية، والكفارة. وذلك يختص أهل الصلاة، ثم عقب ذلك بذكر قتل العمد منهم. وهذا ليس بصحيح، لان لزوم الدية في الخطأ يتناول المسلم، والمعاهد. وأما الكفارات فان عندنا تلزمهم أيضا لأنهم متعبدون بالشرائع. ولو سلمنا ان الآية الأولى تختص المسلمين، لم يلزم ان تختص الثانية بهم، بل لا يمتنع ان يراد بها الكفار على وجه الخصوص أو الكفار، والمسلمين على وجه العموم. غير انا قد علمنا أنه لا يجوز ان يراد بها من هو مستحق الثواب، لان الثواب دائم. ولا يجوز مع ذلك أن يستحق العقاب الدائم مع ثبوت بطلان الاحباط، لاجماع الآية على خلافه.
قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن القى إليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا