إمكان حملها على فائدة مجددة، فان قيل: يلزم على ذلك المسح ببعض الوجه في التيمم قلنا كذلك نقول، لأنا نقول بمسح الوجه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف ومن غسل الرأس، فإنه لا يجزيه عن المسح عندنا وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا يجزيه لأنه يشتمل عليه. وهذا غير صحيح، لان حد المسح هو إمرار العضو الذي فيه نداوة على العضو الممسوح من غير أن يجري عليه الماء. والغسل لا يكون الا بجريان الماء عليه، فمعناهما مختلف، وليس إذا دخل المسح في الغسل يسمى الغسل مسحا، كما أن العمامة لا تسمى خرقة، وان كانت تشتمل على خرق كثيرة.
وقوله: " وأرجلكم إلى الكعبين " عطف على الرؤوس فمن قرأ بالجر ذهب إلى أنه يجب مسحهما كما وجب مسح الرأس، ومن نصبهما ذهب إلى أنه معطوف على موضع الرؤوس، لان موضعها نصب لوقوع المسح عليها، وإنما جر الرؤوس لدخول الباء الموجبة للتبعيض على ما بيناه فالقراءتان جميعا تفيدان المسح على ما نذهب إليه. وممن قال بالمسح ابن عباس والحسن البصري وأبو علي الجبائي ومحمد بن جرير الطبري، وغيرهم ممن ذكرناهم في الخلاف، غير أنهم أوجبوا الجمع بين المسح والغسل المسح بالكتاب، والغسل بالسنة وخيرة الطبري في ذلك. وأوجبوا كلهم استيعاب جميع الرجل ظاهرا وباطنا. وعندنا أن المسح على ظاهرهما من رؤوس الأصابع إلى الكعبين. وهما الناتئان في وسط القدم على ما استدل عليه. وقال عكرمة عن ابن عباس: الوضوء غسلتان ومسحتان. وبه قال أنس بن مالك. وقال عكرمة ليس على الرجلين غسل إنما فيهما المسح. وبه قال الشعبي: ألا ترى أن التيمم يمسح ما كان غسلا ويلغي ما كان مسحا. وقال قتادة افترض الله مسحتين وغسلتين. روى أوس ابن أبي أوس قال: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) توضأ ومسح على نعليه، ثم قام فصلي. وروى حذيفة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله سباطة قوم، فبال عليها قائما، ثم دعا بماء، فتوضأ ومسح على نعليه. وروى حبة الغربي قال: رأيت علي ابن أبي طالب (عليه السلام) شرب في الرحبة قائما، ثم توضأ ومسح علي نعليه.
وروي عن ابن عباس أنه وصف وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمسح