قيل: كيف قال في أول الآية (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة) ثم قال في آخرها (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات) وهذا ظاهر التناقض؟! قلنا عنه جوابان:
أحدهما - ان في أول الآية فضل الله المجاهدين على القاعدين أولي الضرر درجة وفي آخرها فضلهم على القاعدين غير أولي الضرر درجات ولا تناقض في ذلك، لان قوله: (وكلا وعد الله الحسنى) يدل على أن القاعدين لم يكونوا عاصين مستخفين. وان كانوا تاركين للفضل.
والثاني - قال أبو علي الجبائي: أراد بالدرجة الأولى علو المنزلة وارتفاع القدر على وجه المدح لهم كما يقال: فلان أعلى درجة عند الخليفة من فلان يريدون بذلك أنه أعظم منزلة. وبالثانية أراد الدرجات في الجنة التي تتفاضل بها المؤمنون بعضهم على بعض على قدر استحقاقهم، ولا تنافي بينهما. وقال الحسين بن علي المغربي إنما كرر لفظ التفضيل، لان الأول أراد تفضيلهم في الدنيا على القاعدين والثاني أراد تفضيلهم في الآخرة بدرجات النعيم.
قوله تعالى:
(إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا (97) إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا (98) فأولئك عسى الله ان يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا) (99) - ثلاث آيات -.
هذه الآية نزلت في قوم أظهروا للنبي صلى الله عليه وآله الاسلام بمكة، فلما هاجر