كانوا وعدوا النصر ولم يوقت لهم في ذلك وقت فرغبوا إليه تعالى في تعجيل ذلك لهم لما لهم فيه من السرور بالظفر وهو اختيار الطبري.
وقال الآية مختصة بمن هاجر من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله من وطنه وأهله مفارقا لأهل الشرك بالله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وغيرهم من تباع رسول الله صلى الله عليه وآله الذين رغبوا إليه تعالى في تعجيل نصرهم علي أعدائهم وعلموا انه لا يخلف الميعاد ذلك غير أنهم سألوا تعجيله وقالوا لا صبر لنا على أناتك وحلمك وقوى ذلك بما بعد هذه الآية من قوله: " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا... " الآيات بعدها وذلك لا يليق إلا بما ذكره، ولا يليق بالأقاويل الباقية وإلى هذا أومأ البلخي، لأنه قال في الآية الأخرى: انها والتي بعدها في الذين هاجروا إلى النبي صلى الله عليه وآله.
وفي الآية دلالة على أنه يجوز أن يدعو العبد بما يعلم أنه يفعله مثل أن يقول رب احكم بالحق. وقوله: " فاغفر لنا ذنوبنا " خلاف ما يقوله المجبرة، ولا يلزم على ذلك جواز التعبد بأن يدعو بما يعلم أنه لا يكون مثل أن يقول لا يظلم، لان في ذلك تحكما على فاعله وتجبرا عليه في تدبيره، ولو سوى بينهما كان جائزا كما قلنا في قوله: (لا تحملنا ما لا طاقة لنا به) (1) على أحد الوجهين وقوله: " انك لا تخلف الميعاد " فيه اعتراف بأنه لا يخلف الميعاد بعد الدعاء بالايجاز لئلا ينوهم عليهم تجويز الخلف على الله تعالى.
وقوله تعالى:
(فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم