قوله تعالى:
إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم (37) آية بلا خلاف.
قال الزجاج يحتمل الذين أن يكون في موضع الرفع بالابتداء وخبره فاعلموا ان الله غفور رحيم والمعنى غفور رحيم لهم والمعنى لكن التائبون من قبل القدرة عليهم فالله غفور رحيم. ويجوز أن يكون في موضع نصب بالاستثناء من قوله (فاعلموا أن الله غفور رحيم).
لما بين الله حكم المحارب - على ما فصلناه - استثناء من جملتهم من يتوب مما ارتكبه قبل أن يؤخذ، ويقدر عليه لان توبته بعد حصوله في قبضة الامام، وقيام البينة عليه بذلك لا ينفعه، ووجب إقامة الحد عليه.
واختلفوا فيمن تدرأ عنه التوبة الحدود: هل هو المشرك أو من كان مسلما من أهل الصلاة؟ فقال الحسن، وقتادة، ومجاهد والضحاك: هو المشرك دون من كان مسلما. فأما من أسلم، فإنه لم يؤاخذ بما جناه إلا أن يكون معه عين مال قائمة فإنه يجب عليه ردها وما عداه يسقط. وأما علي (ع) فإنه حكم بذلك فيمن كان مسلما وهو حارثة بن بدر، لأنه كان قد خرج محاربا ثم تاب فقبل علي (ع) توبته. وجعل له أمانا على يد سعيد بن قيس.
وحكم به أبو موسى الأشعري في فلان المرادي جاء تائبا بعد كونه محاربا فقبل توبته. وأبو هريرة في علي الأسدي وبه قال السدي ومالك بن أنس إلا أن مالكا قال يؤخذ بالدم إذا طالب به وليه. وقال الليث بن سعيد لا يؤاخذ به وقال الشافعي تضع توبته عنه حد الله الذي وجب لمحاربته، ولا يسقط عنه