اعلمهم احياء.
المعنى والحجة:
فان قيل لم لا يجوز أن يكون المعنى بل أحياء على معنى أنهم بمنزلة الاحياء كما يقال لمن خلف خلفا صالحا أو ثناء جميلا: ما مات فلان بل هو حي؟ قلنا:
لا يجوز ذلك لأنه إنما جاز هذا بقرينة دلت عليه من حصول العلم بأنه ميت فانصرف الكلام إلى أنه بمنزلة الحي، وليس كذلك الآية لان إحياء الله لهم في البرزخ جائز مقدور والحكمة تجيزه.
فان قيل أليس في الناس من أنكر الحديث من حيث أن الروح عرض لا يجوز أن يتنعم؟ قيل: هذا ليس بصحيح، لان الروح جسم رقيق هوائي مأخوذ من الريح. والدليل على ذلك أن الروح تخرج من البدن وترد إليه وهي الحساسة الفعالة دون البدن، وليست من الحياة في شئ، لان ضد الحياة الموت وليس كذلك الروح - هذا قول الرماني سؤاله وجوابه -. وفي الآية دليل على أن الرجعة إلى دار الدنيا جائزة لأقوام مخصوصين، لأنه تعالى أخبر أن قوما ممن قتلوا في سبيل الله ردهم الله أحياء كما كانوا، فأما الرجعة التي يذهب إليها أهل التناسخ، ففاسدة، والقول بها باطل لما بيناه في غير موضع، وذكرنا جملة منه في شرح جمل العلم فمن أراده وقف عليه من هناك إن شاء الله. وقال أكثر المفسرين الآية مختصة بقتلى أحد. وقال أبو جعفر (ع)، وكثير من المفسرين: انها تتناول قتلى بدر وأحد معا.
قوله تعالى:
(فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (170) - آية -.