المعاصي لمكان التحذير من الله والتخويف، كما قال (لئن أشركت ليحبطن عملك) (1) الثاني - ان الخطاب وان توجه إليه، فالمراد به جميع المؤمنين، وتقديره لا يغرنكم أيها المؤمنون ما ترون ان قوما من الكفار كانوا يتجرون ويربحون في الاسفار التي كانوا يسافرونها، ويسلمون فيها لكونهم في الحرم، فأعلم الله تعالى أن ذلك مما لا ينبغي أن يغبطوا به، لان مأواهم ومصيرهم بكفرهم إلى النار، ولا خير بخير بعده النار. وقوله: " متاع قليل " معناه ذلك الكسب، والربح الذي يربحونه متاع قليل وسماه متاعا، لأنهم متعوا به في الدنيا، والمتاع النفع الذي تتعجل به اللذة اما بوجود اللذة أو بما يكون به اللذة نحو المال الجليل، والملك، وغير ذلك من الأولاد والاخوان. ووصفه بالقلة لسرعة زواله وانقطاعه، وذلك قليل بالإضافة إلى نعيم الآخرة.
والمهاد الموضع الذي يسكن فيه الانسان ويفترشه.
ووصفه بأنه بئس المهاد على ضرب من المجاز، لما فيه من أنواع العذاب، لان الذم إنما هو على الإساءة كقولك: بئس الرجل - هذا قول أبي علي الجبائي - وقال البلخي: هو حقيقة لأنه على وجهين:
أحدهما - من جهة النقص.
والآخر - من جهة الإساءة، وهو معنى قول السدي، وقتادة، وأكثر المفسرين. والغرور ايهام حال السرور فيما الامر بخلافه في المعلوم، وليس كل ايهام غرورا، لأنه قد يتوهمه مخوفا فيحذر منه، فلا يقال غره. والفرق بين الغرر والخطر ان الغرر قبيح، لأنه ترك الحزم فيما يمكن أن يتوثق منه، والخطر قد يحسن على بعض الوجوه، لأنه من العظم من قولهم: رجل خطير أي عظيم، وبني المضارع مع النون الشديدة، لأنه بمنزلة ضم اسم إلى اسم للتأكيد.
قوله تعالى:
(لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها